تعمل المملكة العربية السعودية على ترسيخ مكانتها كقوة محركة للقطاع المصرفي في الشرق الأوسط، حيث بلغ إجمالي أصولها المصرفية نحو تريليون دولار في عام 2023. وفي ظل رؤية 2030، تعيد المملكة تعريف مشهد القطاع المالي مع تركيز قوي على الابتكار الرقمي، وتعزيز تجربة الموظفين والعملاء، وتطوير الأطر التنظيمية، والشمول المالي، مما يضعها كنموذج للتحول الوطني على نطاق واسع.

وفي تقرير جديد لشركة آرثر دي ليتل، شركة الاستشارات الإدارية الرائدة على مستوى العالم، تسلّط الضوء على الدور الريادي الذي تضطلع به المملكة العربية السعودية في وضع معايير جديدة لمستقبل القطاع المصرفي في دول مجلس التعاون الخليجي. كما يشير التقرير أيضًا إلى الاستفادة من المبادرات المبتكرة المنفذة في أسواق جنوب شرق آسيا في تقديم مرئيات تهدف إلى بناء فصل جديد في قطاع الخدمات المصرفية في المملكة العربية السعودية.

تعمل رؤية 2030 على إحداث تحول جذري في القطاع المصرفي السعودي وذلك من خلال مبادرات تركز على توسيع نطاق المدفوعات الرقمية، وتعزيز الشمول المالي، وإنشاء إطار تنظيمي مرن. وبدعم من البنك المركزي السعودي والمعروف سابقاً باسم مؤسسة النقد العربي السعودي (ساما)، تتصدر بنوك المملكة تبني أحدث التقنيات المتقدمة كالذكاء الاصطناعي والحوسبة السحابية لتعزيز تجربة العملاء وتحسين الأمن. يجسد هذا التركيز على تطوير البنية التحتية المستقبلية مدى التزام المملكة العربية السعودية بإنشاء منظومة مالية شاملة لمواطنيها.

ذكر ياسين محي الدين، شريك في قسم ممارسات قطاع الخدمات المالية العالمي لدى آرثر دي ليتل قائلاً: “إن رؤية 2030 تتجاوز مجرد كونها خطة اقتصادية للمملكة العربية السعودية؛ فهي تجسد تحولاً جذرياً في القطاع المالي السعودي. ومن خلال التركيز على الشمول المالي، وتطوير الأطر التنظيمية، وتحسين تجربة الموظفين، وتعزيز المدفوعات الرقمية، تعمل المملكة العربية السعودية على بناء بيئة مصرفية تتسم بالمرونة والجاهزية للمستقبل. ويضع هذا الالتزام معياراً إقليمياً جديداً، ونحن نؤمن بأن المملكة تتميز بمكانة تسمح لها بأن تصبح رائدة في مجال الخدمات المالية الآمنة والمتاحة بالاعتماد على التقنية”.

وبدوره قال نيلسون دانام، مدير مشاريع أول وعضو قسم ممارسات قطاع الخدمات المالية العالمي لدى آرثر دي ليتل: “إن نطاق وطموح التحول الذي تشهده المملكة العربية السعودية في ظل رؤية 2030 يُعد إنجازاً غير مسبوق. فمن خلال دمج أنظمة منع الاحتيال المدعومة بالذكاء الاصطناعي والأنظمة المستندة إلى الحوسبة السحابية، لا تكتفي البنوك السعودية بتبني التقنية فحسب، بل تضع معايير جديدة للاستعداد للمستقبل. وهذا النهج يعكس التزاماً يتجاوز التطلعات الإقليمية، حيث تهدف المملكة إلى بناء قطاع مالي يلبي احتياجات المواطنين، بالإضافة إلى الريادة في المنطقة في هذا المجال”.

استقطبت المملكة العربية السعودية العديد من الخبرات القيادية من سوق جنوب شرق آسيا. وقد ساهم تبادل الخبرات إلى إطلاق العديد من المبادرات المبتكرة التي تساعد اليوم في بناء مستقبل الخدمات المصرفية في المملكة العربية السعودية، وظهور العديد من الأمثلة المبتكرة:

• التركيز على تجارب الخدمات المصرفية الرقمية السلسة التي تركز على الجوال مع الاعتماد على الفروع بشكل ضئيل، لتعزيز إمكانية الوصول إلى العملاء والحد من التكاليف التشغيلية.
• دمج الخدمات المالية في المنصات غير المصرفية مثل التجارة الإلكترونية، مما يخلق منظومة أوسع للخدمة بهدف تعزيز التفاعل مع العملاء وتوفير سبل الراحة لهم.
• الاستفادة من حلول التقنية المبتكرة والتطبيقات لتوسيع نطاق الوصول إلى الفئات غير المشمولة بالخدمات المالية مثل القروض الصغيرة والمتناهية الصغر، والمنشآت الصغيرة والمتوسطة، والمحافظ الرقمية، وغيرها بهدف تعزيز الشمول المالي.
• الاستفادة من التحليلات المتقدمة لتوفير منتجات وتجربة عملاء مخصصة، مما يعزز من ولاء العملاء ويرفع من القيمة المضافة.
• تعزيز التعاون مع الجهات التنظيمية من خلال أطر العمل التجريبية لاختبار المنتجات المالية الجديدة بأمان، مما يتيح تبني الابتكار بشكل أسرع بما يتوافق مع لوائح مؤسسة البنك السعودي المركزي.

تُساهم المملكة العربية السعودية بشكل كبير في إجمالي أصول القطاع المصرفي في منطقة دول مجلس التعاون الخليجي التي تصل إلى 3.2 تريليون دولار، وتضطلع بدور حيوي في تطوير مشهد مالي يتسم بالمرونة والابتكار في جميع أنحاء منطقة الشرق الأوسط. ويؤكد تقرير شركة أرثر دي ليتل على إن التزام المملكة العربية السعودية برؤية 2030 لا يقتصر على بناء قطاع مصرفي أقوى فحسب، بل يضع الأسس لرسم ملامح مستقبل القطاع المالي في دول مجلس التعاون الخليجي.