يحظى الذكاء الاصطناعي التوليدي بأهمية متزايدة يوماً بعد يوم نظراً للدور المهم في تعزيز قيمة وكفاءة الأعمال عبر مختلف القطاعات. ووفقاً للتقرير الصادر عن مؤسسة “إنترناشيونال داتا كوربورشن” المعروفة اختصاراً بالرمز (آي دي سي)، تحصد المؤسسات التي اعتمدت نهجاً استراتيجياً قائماً على دمج التكنولوجيا عبر مختلف جوانب عملياتها عوائد استثمارية مجزية للغاية.
وجاء تقرير “آي دي سي” الصادر برعاية مايكروسوفت تحت عنوان “فرص الأعمال القائمة على الذكاء الاصطناعي للعام 2024: الذكاء الاصطناعي التوليدي يفتح آفاق جديدة في عالم الأعمال ويزيد من عوائد الاستثمار”، ليسلط الضوء على أهمية الذكاء الاصطناعي التوليدي في الارتقاء بالعمليات التجارية وطرح قيمة قابلة للقياس. كما يتضمن التقرير أيضاً رؤى مهمة حول النشر المتسارع للتكنولوجيا وقدرتها في تعزيز الإنتاجية ودفع عجلة التنمية.
ووفقاً للنتائج التي توصلت إليها مؤسسة “آي دي سي”، تحقق تقنيات الذكاء الاصطناعي التوليدي عوائد استثمارية مجزية تُقدر بنحو 3.7 ضعفاً من قيمة استثمار كل دولار يتم إنفاقه. أما بالنسبة لكُبرى الشركات ممن توظف تقنيات الذكاء الاصطناعي التوليدي، فلا شك أنها ستحصد عوائد استثمارية غير مسبوقة، بحيث يصل المعدل الوسطي للعائد الاستثماري فيها إلى 10.3 دولاراً. لكن الحصة الأكبر من العوائد الاستثمارية التي يقدمها الذكاء الاصطناعي التوليدي ستكون من نصيب قطاع الخدمات المالية، يليه قطاع الإعلام والاتصالات ثم التنقل وتجارة التجزئة والسلع الاستهلاكية والطاقة والتصنيع والرعاية الصحية وأخيراً التعليم. ومن المساهمين الرئيسيين في طرح هذه العوائد الاستثمارية تبرز أدوات الذكاء الاصطناعي الجديدة والمبتكرة مثل “مايكروسوفت كوبايلوت”، نظراً لدورها في تحسين الإنتاجية الفردية وتحفيز روح التعاون بين أفراد فريق العمل من خلال أتمتة المهام الروتينية واعتماد آليات إبداعية في تسيير الأعمال.
وكشف التقرير أيضاً عن تحقيق قفزة كبيرة في نطاق انتشار تقنيات الذكاء الاصطناعي التوليدي، إذ سجلت نسبة استخدام هذه التقنيات زيادة من 55 بالمائة في العام 2023 إلى 75 بالمائة في العام 2024، مما يسلط الضوء على ثقة قادة الأعمال في الإمكانات التي تتيحها لهم هذه التكنولوجيا لمساعدتهم في تحقيق أفضل نتائج الأعمال، من خلال تعزيز إنتاجية الموظفين وتحفيز النمو الاقتصادي طويل الأمد.
وتعليقاً على نتائج التقرير، أكد زوبين تشاجبار، رئيس مجموعة أعمال شؤون تقنيات العمل الحديثة وأجهزة سيرفيس لدى “مايكروسوفت” منطقة أوروبا الوسطى والشرقية ومنطقة الشرق الأوسط وإفريقيا: “نجح الذكاء الاصطناعي التوليدي في التحول من تقنياتٍ خاضعة للتجريب إلى تقنياتٍ لا يمكن الاستغناء عنها. وستتاح أمام عملائنا فرصة إطلاق العنان لقيم أعمال مجزية من خلال اعتمادهم على حلول الذكاء الاصطناعي المبتكرة والتي لا تساهم في تبسيط العمليات فحسب، بل تعمل أيضاً على تحسين عملية صنع القرار وتسريع النمو. ويسلط تقرير (أي دي سي) الضوء على ما تقدمه تقنيات الذكاء الاصطناعي التوليدي من إمكانات هائلة على صعيد تحسين عوائد الاستثمار وطرح مزايا تنافسية، الأمر الذي من شأنه أن يؤكد على أهمية رصد الاستثمارات في هذه التكنولوجيا الثورية. ونحن في مايكروسوفت ملتزمون بدعم المؤسسات الناشطة عبر مختلف القطاعات في رحلة تحولها نحو الذكاء الاصطناعي، بدءاً من توفير البنية التحتية الأساسية وحتى ضمان تأسيس نظام الحوكمة المسؤولة”.
وعلاوة على ذلك، أظهر تقرير “آي دي سي” أن العوائد المجزية للذكاء الاصطناعي تأتي بالدرجة الأولى من حالات الاستخدام التي تُعنى برفع مستوى الإنتاجية، إذ يستفيد 92 بالمائة من مستخدمي الذكاء الاصطناعي الذين شملهم الاستطلاع من تقنيات الذكاء الاصطناعي بغرض رفع مستوى الإنتاجية، في حين يؤكد 43 بالمائة منهم أن حالات الاستخدام التي تهدف إلى تعزيز الإنتاجية ساهمت في حصد عوائد استثمارية مجزية. ومع ذلك، من المتوقع أن يتحول التركيز نحو حالات الاستخدام الوظيفية المخصصة لكل قطاع على مر 24 شهراً قادماً. ومن المنتظر خلال هذا الإطار الزمني أن تعكف المزيد من الشركات على طرح حلول ذكاء اصطناعي مصممة خصيصاً لتلبية احتياجات مختلف القطاعات والعمليات التجارية، بما فيها المساعدين الشخصيين الافتراضيين المخصصين حسب الطلب ووكلاء الذكاء الاصطناعي، الأمر الذي من شأنه أن يعكس مرحلة النضح المتزايد الذي حققه الذكاء الاصطناعي من حيث انتشاره واعتماده. فالشركات أصبحت تدرك اليوم ما ستحصده من قيمة مضافة عبر تبنيها لحالات الاستخدام المبتكرة، وهذا ما يشجعها على توسيع نطاق اعتمادها لسيناريوهات الأعمال الأكثر تطوراً.
وبالرغم من الإمكانات الهائلة التي يوفرها الذكاء الاصطناعي التوليدي، إلا أن التقرير يشير أيضاً إلى وجود العديد من التحديات طويلة الأمد، لا سيما على صعيد الفجوات القائمة في المهارات وأمن البيانات. فقد أشار حوالي 30% من المشاركين في الاستطلاع إلى وجود نقص في الكوادر المتخصصة التي تتوفر لديها مهارات استخدام الذكاء الاصطناعي داخل الشركة، في حين أوضح 26% إنهم يفتقرون إلى الموظفين ممن لديهم الكفاءات اللازمة للتعلم والعمل باستخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي. وفي هذا السياق، تعكف مايكروسوفت على معالجة هذه العقبات من خلال تقديم برامج تدريب قائمة على الذكاء الاصطناعي والمساهمة في إقامة جلسات نقاش حول سبل تطوير المبادئ الأخلاقية للذكاء الاصطناعي ونشرها بما يضمن تحقيق مبادئ الأمان والشفافية والامتثال. فمن شأن اتباع هذا النهج أن يعزز من ثقة المؤسسات ويشجعها على مواصلة مسيرة الابتكار بالاعتماد على أطر أخلاقية مرنة.
وبالنظر إلى المستقبل، تتوقع مؤسسة “آي دي سي” أن يواصل الذكاء الاصطناعي التوليدي إحداث تغيير جذري في وظائف الأعمال، مع توسيع نطاق الاستفادة من هذه التقنيات، بدءاً من تكنولوجيا المعلومات وخدمة العملاء وحتى تطوير المنتجات وما إلى هنالك. وتعبر مايكروسوفت عن التزامها الراسخ بتمكين المؤسسات من استخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي المتطورة التي لا تلبي متطلبات اليوم فحسب، بل توفر أيضاً الركيزة الأساسية لتطوير ابتكارات الغد.
واختتم تشاجبار قائلاً: “نحن على أتم الاستعداد للتعاون مع المؤسسات على اختلاف أحجامها والقطاعات التي تعمل بها، فهذا يمكننا من المساهمة بدور فاعل في رسم ملامح المستقبل القائم على الذكاء الاصطناعي. كما نبذل قصارى جهودنا لتطوير مجموعة من حلول الذكاء الاصطناعي بهدف تعزيز كفاءة الأعمال وتوطيد أواصر العلاقات مع العملاء ومساعدة المؤسسات في وضع تصور جديد لكل ما هو ممكن وقابل للتطبيق”.